الوضع الداكن

كيف يؤثر أسلوب المدير الانتقامى على فريق العمل؟

د.هويدا عزت

في بيئة العمل، يُفترض أن يكون تقييم الأداء قائمًا على معايير موضوعية وعادلة بعيدًا عن الأهواء الشخصية. ومع ذلك، يُلاحظ أن بعض المديرين للأسف يبتعدون عن هذا المبدأ، ومن الأساليب التي يستخدمها بعض المديرين كأسلوب للمكافأة والعقاب، حيث يتم مكافأة الموظف الذي يحظى برضا المدير بإسناد مهام ذات أهمية وقيمة، تُتيح له فرصًا للتطوير وإبراز مهاراته، يتم مُعاقبة الموظف الذي لا يتوافق مع توجهات المدير، من خلال تهميشه وإقصائه عن المهام والأنشطة التي تتيح له التأثير في العمل.

يشكل هذا الأسلوب تحديًا كبيرًا للعديد من المنظمات، حيث يعتمد بعض المديرين على توزيع المهام وفقًا لرضاهم الشخصي عن الموظف، ويُطلق على المدير الذي يتبع هذا الأسلوب مصطلح "المدير الاستبدادي" أو "المدير الانتقامي" في هذا النوع من الإدارة، لا يتم تقييم الموظف بناءً على كفاءته أو أدائه الفعلي، بل يتم الحكم عليه بناءً على مدى توافقه مع توجهات المدير الشخصية.

تشير الدراسات في مجال العلوم الإدارية أن هذا الأسلوب يؤدي إلى خلق بيئة عمل غير صحية، تؤثر سلبًا على معنويات الموظفين وتحد من الابتكار والإنتاجية في الفريق، كما أن اعتماد أسلوب المكافأة والعقاب على أساس العلاقات الشخصية بدلاً من الكفاءة والأداء يشكل تهديدًا حقيقيًا لبيئة العمل ويعيق تحقيق الأهداف المؤسسية.

ويُعرَّف السلوك الانتقامي بأنه سلوك يهدف إلى إلحاق الأذى أو الانتقام من شخص آخر، ويتخذ هذا السلوك أشكالًا مُتعددة في بيئة العمل؛ تشمل هذه الأشكال الإيذاء اللفظي، وتقييد الوصول إلى الموارد والأدوات التي يحتاجها الموظف لأداء مهامه، مثل حجب المعلومات الأساسية أو منع الموظف من استخدام الأدوات الضرورية لأداء عمله، كما قد يتجسد السلوك الانتقامي في حرمان الموظف من الترقية المستحقة أو تكليفه بمهام أقل أهمية بهدف التقليل من شأنه، ومن بين أساليب الانتقام أيضًا نشر الشائعات الكاذبة؛ بهدف تشويه سمعة الموظف، والترويج لمعلومات مغلوطة حول أدائه وسلوكه الشخصي، مما يعوق تقدمه ويؤثر سلبًا على معنوياته.

أشارت مقالة في موقع "Business Day" أن السلوك الانتقامي للقادة يُمثل تهديدًا لنجاح المنظمات، وتناولت المقالة الأسباب المحتملة التي قد تدفع المديرين إلى الانخراط في هذا السلوك، ومنها شعور بعض المديرين بالتهديد من تفوق مرؤوسيهم مما يدفعهم إلى الحفاظ على السلطة، من خلال التقليل من شأن هؤلاء الموظفين أو تقويضهم.

وفيما يتعلق بمعالجة السلوك الانتقامي، أشار موقع "Business Day" إلى ضرورة اتباع نهج شامل ومتعدد الأبعاد، ومن أولويات هذا النهج أن تمتلك المنظمات سياسات وإجراءات واضحة للتعامل مع هذه الظاهرة، يشمل ذلك توفير قنوات متعددة وآمنة للموظفين للإبلاغ عن السلوك الانتقامي، كما يجب على المنظمات أن تعمل على خلق ثقافة من الاحترام والمساءلة، حيث يكون السلوك الانتقامي غير مقبول، ويشعر الموظفون بالتمكين للتحدث عندما يشهدون سلوكيات سلبية، هذا بجانب توفير برامج تدريبية؛ لتدريب المديرين على مهارات القيادة الإيجابية، وحل النزاعات، والتعامل مع الموظفين بشكل عادل.

في الختام يمكن القول، إن أسلوب الإدارة الانتقامية، الذي يعتمد على المكافأة والعقاب كوسيلة للسيطرة، قد عفا عليه الزمن وغير فعال. في عالم اليوم، حيث تتطلب المنافسة قدرات إبداعية وابتكارية عالية، لا يمكن للمنظمات أن تحقق النجاح إلا من خلال فرق عمل مُتحفزة ومتعاونة. لذا، فإن الوقت قد حان للتخلي عن هذه الممارسات السلبية التي تؤدي إلى تدهور بيئة العمل، والتوجه نحو أساليب إدارة حديثة تركز على تحفيز الموظفين وتنمية مهاراتهم، إن بناء بيئة عمل إيجابية يشعر فيها كل فرد بالتقدير والاحترام، سيُسهم بلا شك في تحقيق النجاح للمنظمة ويعزز أدائها بشكل عام.

إقرأ أيضًا

مقالات

هيثم الغيص.. يكتب: ماذا تعنى عبارة «طاقة خضراء»؟

هيثم الغيص.. يكتب: ماذا تعنى عبارة «طاقة خضراء»؟
مقالات

السيادة تبدأ من التنمية.. مشروعات مصر العملاقة تغير قواعد اللعبة بالمنطقة

السيادة تبدأ من التنمية.. مشروعات مصر العملاقة تغير قواعد اللعبة بالمنطقة
مقالات

الطاقة البديلة والتنمية المستدامة

الطاقة البديلة والتنمية المستدامة
مقالات

ابن الصناعة المصرية.. 500 مليار تصدير

ابن الصناعة المصرية.. 500 مليار تصدير